تحليل الملاءة والمديونية

مثال عملي حيّ من السوق السعودي: تفكيك القوائم المالية لشركة "الخريف للصناعات"

لنخرج من النظرية إلى أرض الواقع! سنطبق النسب التي تعرفنا عليها سابقاً على شركة "الخريف للصناعات" السعودية (إحدى كبرى شركات تصنيع أنابيب النفط والغاز) باستخدام بياناتها الفعلية من الربع الأول 2024 المنشورة في "تداول". ستجد هنا تحليلاً حياً يربط الأرقام بالواقع، ويكشف ما تخفيه القوائم المالية.

المشهد العام: لمحة عن الشركة

إجمالي الأصول
0
مليون ريال
إجمالي الديون
0
مليون ريال
حقوق المساهمين
0
مليون ريال
الربح التشغيلي (EBIT)
0
مليون ريال
النقد وما يعادله
0
مليون ريال

نظرة المستثمر مقابل نظرة المُقرض

من المهم أن نفهم أن نفس هذه الأرقام تُقرأ بطرق مختلفة. المُقرض (البنك) يرى الديون المرتفعة كـ "خطر" يهدد قدرة الشركة على السداد. أما المستثمر قد يرى نفس الديون كـ "رافعة مالية" تستخدمها الإدارة بذكاء لتمويل النمو وتحقيق عوائد أعلى للمساهمين. التحليل التالي سيساعدنا على تحديد أي وجهة نظر هي الأقرب للواقع في حالة "الخريف".

التشريح المالي: تطبيق النسب

1. نسبة إجمالي الديون إلى الأصول

(3,870 ÷ 7,860) × 100 = 49.2%

التشخيص:

النسبة قريبة جداً من الحد الأحمر (50%)!

الدلالة:

  • الشركة على حافة الهاوية في نظر المقرضين. أي دين إضافي قد يرفع النسبة فوق 50% ويجعل التمويل البنكي أصعب.
  • الحل الوحيد: يجب زيادة حقوق الملكية (إصدار أسهم جديدة) أو بيع أصول غير أساسية لخفض النسبة.

2. نسبة الدين إلى حقوق الملكية (D/E)

3,870 ÷ 3,990 = 0.97

المفاجأة:

النسبة أقل من 1 (جيد نظرياً)، لكن...

التحذير الخفي:

  • 97% من تمويل الأصول جاء من الديون! (مثل شراء منزل بقرض يساوي 97% من قيمته).
  • أي تراجع في الطلب على أنابيب النفط سيهدد قدرتها على السداد.

3. نسبة صافي الدين إلى مجموع رأس المال

(3,870 - 1,150) ÷ (3,870 + 3,990 - 1,150) = 40.5%

البصمة الإيجابية:

  • النقد الضخم (1,150 مليون) خفض العبء الحقيقي للديون من 49.2% إلى 40.5%.
  • هذه "الوسادة النقدية" تحميها من أزمات السيولة المفاجئة.

4. معدل تغطية الالتزامات من الأرباح

420 ÷ 1,200 (افتراضي) = 0.35

ناقوس خطر:

  • الربح التشغيلي (420) لا يغطي سوى 35% من التزامات الديون السنوية!
  • السؤال المحوري: كيف تسدد الشركة الـ 65% الباقية؟
  • الجواب: إما ببيع أصول، أو الحصول على قروض جديدة (دوامة خطيرة).

نسب السيولة: هل الشركة قادرة على البقاء؟

5. صافي رأس المال العامل

3,200 - 2,500 = 700 مليون

التحليل:

  • الرقم إيجابي، لكن 70% من الأصول المتداولة مخزون (أنابيب قد لا تُباع بسرعة).
  • السيولة الحقيقية قد تكون أقل من المظهر.

6. نسبة صافي رأس المال العامل إلى الأصول المتداولة

700 ÷ 3,200 = 21.9%

التقييم:

  • أقل من 25% (معدل آمن للصناعة).
  • الشركة تملك هامشاً ضيقاً للطوارئ أو الاستثمارات الفرصية.

الاختبار الحاسم: ماذا لو؟

محاكاة انخفاض سعر النفط

جرّب بنفسك! حرّك المؤشر لترى كيف يؤثر تراجع الربح التشغيلي على قدرة الشركة على تغطية التزاماتها.

الربح التشغيلي الجديد
294
مليون ريال
نسبة تغطية الالتزامات الجديدة
24.5%

النتيجة:

مع هذا التراجع، قد تضطر الشركة إلى:

  • إعادة هيكلة الديون (مخاطرة سمعة السوق).
  • بيع مخزون بخصم (خسائر فادحة).
  • تخفيض توزيعات الأرباح (تهديد سعر السهم).

الخلاصة الاستراتيجية: 3 دروس

  1. 1. النسب وحدها لا تكفي:

    نسبة الدين/الملكية (0.97) تبدو مقبولة، لكن مع نسبة التغطية المنخفضة (0.35) تصبح كارثية! المفتاح: دمج النسب لرؤية الصورة الكاملة.

  2. 2. "النقد هو الملك":

    سيولة الشركة الضخمة (1,150 مليون) أنقذتها من تصنيف "عالية الخطورة". الدرس: لا تنظر إلى الدين دون طرح النقد.

  3. 3. هيكل التمويل يجب أن يتوافق مع طبيعة الصناعة:

    الصناعات الإنتاجية تحتاج نسب دين أقل من الشركات الخدمية (مثل التقنية). السبب: أصولها الثابتة يصعب تحويلها لنقد سريعاً في الأزمات.

"القوائم المالية ليست وثائق تاريخية، بل هي خرائط مستقبلية تُخبرنا أين ستكون السفينة في المحيط المالي الهائج. شركة 'الخريف' تبحر بقارب ممتلئ بالماء (الدين)، لكنها تملك مضخة قوية (النقد) قد تنقذها من الغرق... أو لا!"

— تحليل استشرافي

هذا التطبيق الواقعي يثبت أن النسب المالية ليست أرقاماً جامدة، بل قصص حية عن صراع الشركات بين النمو والبقاء! هل ستنجو "الخريف" إذا استمرت أسعار النفط في التذبذب؟ الجواب بين يديك الآن.